أبوظبي: سفر نيوز
في إنجاز طبي رائد، تم إجراء أول عملية ناجحة لزراعة كبد للأطفال في دولة الإمارات، لفتاة تبلغ من العمر 4 سنوات، وتعتبر أول عملية زراعة كبد للأطفال من متبرع حي في الدولة، حيث تمثل هذه الجراحة التاريخية التي تم إجراؤها في مدينة برجيل الطبية (BMC) بأبوظبي، قفزة كبيرة إلى الأمام في القدرات الطبية المتقدمة في دولة الإمارات، فيما استغرقت العملية مدة 12 ساعة.
وقد تم تشخيص إصابة الطفلة (راضية خان) بحالة كبد وراثية نادرة تسمى الركود الصفراوي العائلي المتقدم داخل الكبد من النوع 3 (PFIC) كانت عائلة الطفلة على دراية تامة بالآثار المدمرة لهذا المرض، بعد أن فقدوا ابنتهم الأولى بسبب نفس الحالة قبل ثلاث سنوات، ولم يضيعوا أي وقت في استشارة الأطباء عندما بدأت تظهر عليها أعراض مثل اصفرار العيون ونزيف اللثة والتعب الشديد عندما كان عمرها ثلاثة أشهر، تم إعطاؤها الدواء ونصحتها بإجراء فحوصات روتينية حتى تبلغ من العمر ما يكفي لإجراء عملية زرع كبد، في السنوات القليلة الماضية حالت الحالة الصحية للطفلة دون التحاقها بالحضانة والعيش ضمن مراحل النمو المناسبة لعمرها.
فًقد مُفجع
يقول والد الطفلة المقيم في الدولة منذ 14 عاماً:” بعد أن فقدت ابنتي الأولى بسبب نفس الحالة، كان كل يوم يمر علينا مليئاً بالخوف والحزن بعد تشخيص طفلتنا الثانية بنفس الحالة، لم أكن متأكدا مما سيحدث، كل يوم كنت أخشى أن أفقدها كحال شقيقتها”.
قبل ثلاثة أشهر، أظهر الفحص الروتيني أن الطفلة لديها تضخم في الطحال والكبد، وأوصى الأطباء بضرورة التفكير في عملية الزرع، وبدأت في استكشاف الخيارات المتاحة لها في دولة الإمارات، وعندما علموا أن الخدمة متاحة في مدينة برجيل الطبية BMC، قاموا باستشارة فريق الزراعة دون تأخير.
يوضح الدكتور ريحان سيف استشاري الجراحة العامة مدير برنامج زراعة الأعضاء في مدينة برجيل الطبية، أن حالة الطفلة سببها طفرة جينية تؤدي إلى خلل في تكوين وإفراز المكونات والأحماض الصفراوية، مما يؤدي في النهاية إلى تلف الكبد، ويظهر هذا المرض في مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة كعلامات على فشل النمو ومضاعفات فشل الكبد، ويعتبر العلاج النهائي والوحيد لهؤلاء الأطفال هو زراعة الكبد، مشيراً إلى أنه بعد التقييمات والفحوصات المكثفة، تمت التوصية بضرورة إجراء عملية زرع كبد لإنقاذ حياة راضية، وتعبيراً عن الحب تطوع والدها ليكون المتبرع.
يقول والد الطفلة المتبرع :”لم أنتظر البحث على أي متبرعين من الخارج، على الرغم من أن العديد من أفراد عائلتنا كانوا على استعداد للتقدم والتبرع، لكن بعاطفة الأبوة و إنقاذاً لحياة طفلتي ومنعاً للمأساه من أن تتكرر، وجدت نفسي أول المتقدمين وبحمد الله كنت مطابقاً من حيث الفحوصات التي أهلتني لأن أكون المتبرع المناسب”.
ونجح فريق زراعة الأعضاء في مدينة برجيل الطبية BMC بقيادة الدكتور سيف في إجراء جراحية متزامنة للمتبرع والمتلقي، والتي استمرت لمدة 12 ساعة، كما ضم الفريق: الدكتور جونز ماثيو جراح زراعة أعضاء البطن وجراح الكبد والبنكرياس والقنوات الصفراوية؛ الدكتور غراب سين استشاري الجراحة العامة (متخصص في جراحة الكبد والقناة الصفراوية وزراعة الأعضاء المتعددة في البطن)؛ الدكتور رامامورثي باسكاران استشاري التخدير وتخدير زراعة الأعضاء، الدكتور كيسافا راماكريشنان استشاري وحدة العناية المركزة للأطفال، والدكتور شيام موهان أخصائي أشعة الأطفال.
ويؤكد الدكتور ريحان، أن هذه الجراحة تعتبر إنجازًا مهماً للقطاع الطبي في دولة الإمارات، يضمن حصول الأطفال لمثل هذه الحالات على علاجات منقذة للحياة دون الحاجة إلى السفر إلى الخارج، موضحاً أن الطفلة راضية قد تعافت بشكل ممتاز من عملية زراعة الكبد التي أنقذت حياتها وستخضع للمتابعة المنتظمة، حيث سيعود نموها الجسدي والعقلي إلى طبيعته مع تحسن نوعية الحياة، و ستكون قادرة على بدء المدرسة والاستمتاع بطفولتها كأي طفل آخر في عمرها، مضيفاً:” نحن فخورون بتحقيق هذا الإنجاز الطبي ونتطلع إلى مساعدة المزيد من العائلات في المستقبل، إن قصة الطفلة راضية مثال على تقدم الطب وتوفر الإمكانيات الهائلة كما تعكس التضحية التي يقدمها المتبرع في سبيل إنقاذ المرضى، وكم هو مهم ترسيخ ثقافة التبرع في المجتمع”.
لقد مهدت عملية الزراعة الناجحة الطريق لشفاء راضية وعودتها إلى الحياة الطبيعية، وبعد رحلة طويلة ومرهقة عاطفياً، يشعر والداها بالارتياح، حيث يُعبرُ عن ذلك قائلاً:” الآن بعد أن أجريت الجراحة ونحن نتعافى، على الأقل لم يعد هناك أي خطر، أنا مُمتن لدولة الإمارات لتوفير هذه الإمكانيات والخبرات الطبية العالمية، و للفريق الطبي بأكمله في برجيل الطبية BMC لدعمهم ورعايتهم المستمرة خلال رحلة العلاج والتعافي”.
يُشار إلى أن مدينة برجيل الطبية بمدينة محمد بن زايد في أبوظبي، مجهزة بالكامل وعلى أتم الإستعداد لتقديم خدمات زراعة الأعضاء المتعددة للبالغين والأطفال، مما يضيف معايير جديدة للرعاية الطبية محلياً وإقليمياً.