أبو ظبي: سفر نيوز
أجرى الفريق الطبي بمدينة برجيل الطبية بأبوظبي، جراحة ناجحة استغرقت 6 ساعات أجريت بواسطة المنظار، لسيدة ثلاثينية عانت من مرض بطانة الرحم المهاجرة المزمن لعدة سنوات، حيث تسببت هذه الحالة المرضية في إحداث ضرر لها في جزء من امعائها وأثر على كليتها اليسرى ما أدى لفقدها.
عندما تم تشخيص إصابة المريضة بمرض بطانة الرحم المهاجرة قبل 6 سنوات، لم تكن لديها المعلومات الصحية الكافية عن المرض والتأثيرات الخطيرة التي قد يُحدثها هذا المرض المنهك لجسدها، في عام 2017 تم تشخيص إصابة المريضة بكيس صغير الحجم على مبيضها الأيسر وخضعت لعملية جراحية لإستئصاله.
وقالت المريضة:” بعد الجراحة، لم أقم بإجراء أي فحوصات طبية للمتابعة، و بعد عامين بدأت أعاني من آلام شديدة في الظهر، خاصة أثناء الدورة الشهرية، وسرعان ما بدأت أعاني خلال الدورة الشهرية من الشعور بآلام شديدة وتعب مصحوب بانتفاخ في المعدة وغثيان وقيء، وعندما قدِمتُ إلى مدينة برجيل الطبية باحثةً عن العلاج كانت حالتي متأخرة وكان مرض التهاب بطانة الرحم قد أثر بشدة على حالتي الصحية”.
اكتشف الدكتور سانديش كادي، أخصائي جراحات أمراض النساء المتخصص في مناظير بطانة الرحم وإصلاح قاع الحوض في مدينة برجيل الطبية، أن حالتها تطورت إلى حد وصل إلى فقدان إحدى كليتيها وجزء من أمعائها، حيث أن التشخيص المتأخر سمح لمرض بطانة الرحم في المبيض بالتقدم والانتشار السريع، مما أدى إلى عواقب غيرت حياة المريضة، موضحأ أن التصوير بالرنين المغناطيسي كشف عن تأثر الرحم والمبيضين، كما أثر التهاب بطانة الرحم الشديد على كليتها اليسرى وأجزاء متعددة من الأمعاء، فلم يكن هناك خيار أخر سوى إزالة كليتها اليسرى وبعض أجزاء من أمعائها، لافتاً إلى ضرورة التشخيص المبكر فبسبب تجاهل المشكلة لسنوات، وصلت المريضة لهذه المرحلة المتأخرة.
وأشار الدكتور سانديش إلى أن إدارة مرض التهاب بطانة الرحم أو بطانة الرحم المهاجرة، يعتمد على عوامل مختلفة مثل مرحلة المرض، وعمر المريضة، والحالة الزوجية، والتخطيط للحمل، والألم، والنزيف، وقضايا الخصوبة، حيث تتطلب عملية جراحية جذرية كهذه اتباع نهج متعدد التخصصات من فريق يضم طبيب مسالك بولية، وطبيب أمراض النساء، وجراح الجهاز الهضمي، وبما أن المريضة غير متزوجة وترغب في إنجاب الأطفال في المستقبل، فإن الحفاظ على خصوبتها كان أيضًا من الأولويات، موضحاً أن مرض بطانة الرحم المهاجرة يعتبر خطير التأثيرات نظراً للمضاعفات التي يمكن أن يحدثها لو بقيت السيدة صامته ولم تتجه للطبيب للحصول على استشارته بمجرد التنبه للأعراض، حيث يواجه الأطباء في هذا الشأن بسبب خصوصية المجتمع والتحرج من مثل هذه الموضوعات الطبية، لذلك يعتبر نشر التوعية المجتمعية هو الحلقة الأهم التي يجب أخذها بعين الإعتبار مع مضاعفة جهود التوعية بكل الوسائل.
الجراحة حل جذري
تم إجراء العملية التي استغرقت 6 ساعات بالمنظار بالكامل (مع شقوق جلدية صغيرة فقط) بواسطة عدة جراحين من أقسام مختلفة ضمن نهج متعدد التخصصات، حيث قام الدكتور ساديش بإزالة الالتصاقات لفتح كافة الفراغات الموجودة في الحوض وفصل الأمعاء والمثانة عن أنسجة المريضة، ثم قام باستئصال بطانة الرحم من عدة أماكن في الحوض وإزالة قناة فالوب والمبيض الأيسر لأنهما تأثرا تماما بالمرض، بعد ذلك قام الدكتور ماسيج سويدوفسكي استشاري جراحة المسالك البولية وأورام المسالك البولية، بإزالة الكلية اليسرى المتضررة والحالب المتوسع للمريضة.
وأضاف الدكتور ماسيج:” كنا نعلم أنه حتى بعد إزالة بطانة الرحم وإعادة تدفق البول إلى المثانة، فإن كليتها المتضررة لن تبدأ في العمل مرة أخرى، ستكون الكلية فقط مصدراً للألم ولحدوث الإلتهابات لذلك تم استئصالها، وتخضع المريضة حاليا للمتابعة المستمرة لمراقبة كليتها الأخرى والتأكد من سلامتها “.
وقال الدكتور علي أيوب فاليافيتيل، استشاري ورئيس جراحة الجهاز الهضمي الجراحة، قائلا:” بما أن التهاب بطانة الرحم قد أثر على أمعاء المريضة في ثلاثة أماكن، فقد اضطررت إلى إزالة أجزاء من المستقيم والزائدة الدودية والأعور والأمعاء الدقيقة، في كثير من الأحيان عندما يكون هناك الكثير من الاستئصال، ففي الحالات المشابهة قد نحتاج إلى استئصال القولون لأنه قد يتضرر من الأنسجة المتنامية من الرحم، ومع ذلك حافظنا على قولون المريضة سليماُ”.
وضم الفريق الطبي 5 أطباء بتخصصات متعددة إلى جانب الدكتورة مونيكا شوهان استشارية جراحة أمراض النساء، والدكتورة بريانكا أشيش ديمري أخصائية أمراض النساء والتوليد، والدكتور رامامورثي غانيسان باسكاران استشاري التخدير وتخدير زراعة الأعضاء، ليكون إجمالي عدد الفريق الطبي المشارك بالعملية 8 أطباء.
وفقًا للأطباء ومع الحفاظ على رحم ومبايض المريضة، فإنه يمكن لها التخطيط لإنجاب أطفال في المستقبل.
وبينما تواصل المريضة رحلة التعافي، تشعر بالسعادة لأنها وجدت الراحة من الألم. ومن خلال مشاركة قصتها، تأمل أن يتم تشجيع النساء الأخريات على طلب المساعدة على الفور.
وقالت المريضة:” أشعر أنني بحالة جيدة صحياً بعد الجراحة، وينصح الطبيب بإجراء فحوصات شهرية كل 6 أشهر، ونصحني طبيبي بإجراء فحص بالموجات فوق الصوتية والتصوير بالرنين المغناطيسي سنويًا للتحقق من أن أموري الصحية بخير، لذلك أنصح النساء الأخريات بعدم الانتظار والتوجه للطبيب والحصول على التشخيص المبكر للدورة الشهرية المؤلمة، حيث يساهم الحصول على العلاج في الوقت المناسب لتجنب المضاعفات”.
وشدد الدكتور سانديش على أهمية اجراء المتابعة مع الطبيب المتخصص، عند ملاحظة أعراض مؤلمة او غير طبيعية وقت الدورة الشهرية للنساء والتي قد تكون مؤشراً خطيراً لمرض بطانة الرحم المهاجرة، موضحاً أنه لا توجد تقنية لمنع حدوث بطانة الرحم المهاجرة، لكن يمكن تقديم التشخيص المبكر والعلاج الصحيح قبل حدوث أي تلف في الأعضاء، حيث يمكن أن يؤثر هذا المرض على الفتيات والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 13-50 سنة، فيما يعتبر قبول آلام الدورة الشهرية من العوامل التي تؤدي إلى تأخير التشخيص ومعاناة النساء من هذا الألم لسنوات عديدة.