أبوظبي: سفر نيوز
قال حسن إسميك رئيس مجلس أمناء مركز ستراتيجكس للدراسات والأبحاث، إن مكتبات مصر، رسمت منذ تدشين مكتبة الإسكندرية التي أسسها بطليموس الأول، وإلى مكتبة الحاج مدبولي، تاريخاً زاخراً من التقدم المعرفي، ولا بد لجامعاتها اليوم أن تكون على المستوى ذاته، فترسم مستقبلاً من الحداثة والتطور لمصر، يناسب عظمتها وعراقتها، وريادتها المعرفية التي كانت في الماضي ويجب أن تستعاد في المستقبل.
وأشار حسن إسميك، إلى أنه في مصر وحدها يستطيع شخص أمّي أن يفتتح مكتبة تتحول إلى مركز ثقافي يساند الجامعات والباحثين بمختلف اختصاصاتهم العلمية، حيث أطلق ذلك الشخص اسمه على مكتبته فكانت «مكتبة الحاج مدبولي»، ولقد كان مخلصاً لروحه المصرية الفريدة والمدنية، واشتهر بليبراليته، فلم يتوانَ عن بيع كافة أنواع الكتب حتى تلك التي تناقش الخطاب الديني وتنقده في أحيانٍ كثيرة.
وأوضح إسميك، أن مكان مكتبة مدبولي، الذي لا يمكن نزع الصفة الشعبية عنه كان مرتباً بطريقة رائعة، ومقسماً إلى أركان مخصصة، كل فئة من الكتب على حدة، تحظى فيه الكتب ورسائل الماجستير والدكتوراه باهتمام مناسب، ومثلها المخطوطات والكتب القديمة غير المحققة، بشكل يصل القديم بالحديث، ويخلط الفقر بالغنى، وكأن صاحبها قد جمع تاريخ مصر وحاضرها وعرضهما بين رفوف كتبه.
وذكر رئيس مجلس أمناء مركز ستراتيجكس للدراسات والأبحاث، أن مكتبة «مدبولي» لم تكن طفرة إنما كانت قطرةً من سيل تاريخ مصر المعرفي، والذي لم يتوقف يوماً عن رفد الإنسانية.
ونوه بأن أقدم مكتبة عامة عرفها التاريخ؛ كانت بمصر «مكتبة الإسكندرية»، التي شيدها بطليموس الأول، وكانت أكبر مكتبات عصرها وأغناها، إذ احتوت مئات آلاف المجلدات من المخطوطات والكتب، الإغريقية منها والفرعونية، وبذلك صنعت مزيجاً من علوم هاتين الحضارتين، حتى أصبحت معروفة باسم «المكتبة العظمى». قبل أن ينتهي بها المطاف حرقاً على يد يوليوس قيصر.
ولفت إلى أن بعض المؤرخين ذهبوا إلى أن مكتبة الإسكندرية انتهت عن آخرها في حريق عام 48 ق.م، رأى آخرون أنها عادت للحياة وتعرضت لحرائق وإيذاءات عديدة كان آخرها عام 642 م، وبين نفي المؤرخين وتأييدهم لصحة هذه الأخبار، يشيح التاريخ بناظريه عنها ويلتفت إلى القاهرة حيث دار الحكمة التي أنشأها الحاكم بأمر الله الفاطمي لتضم بين رفوفها مليوناً وستمئة ألف كتاب متاحة مجاناً لعامة الشعب، نُقل نصفها إلى أروقة الأزهر فيما بعد.
وأكد حسن إسميك، أن وجود مكتبة رئيسية تشكل صرحاً ثقافياً قدرٌ محتومٌ لمصر لا تستطيع التملص منه ولو أرادت، وهذا ما كان في أوائل عصر النهضة العربية، حيث برزت مكتبة الأزهر الشريف بإيعاز من الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، نتيجة مخزون الأزهر الضخم من الكتب والمخطوطات، والتي احتضنها منذ العصر الفاطمي.
وأشار إلى أن مكتبة الأزهر برزت كمركز إشعاع فكري، يثبت أن الإنسان العربي عنصر متجذر في التاريخ، قادر على الاستناد إلى حقائق تاريخه للنهوض من جديد، فتسابق الناس إلى تزويد المكتبة بالكتب المهمة وإهدائها رسائل الماجستير والدكتوراه، كما أوصى بعض عليّة القوم إبان إنشائها بنقل محتويات مكتباتهم إليها حتى يساهموا بإغنائها، ولكن شهرتها اعتمدت على وجود المخطوطات القديمة والنادرة التي يرجع إليها الباحثون في الدين واللغة العربية على وجه الخصوص فيقصدونها من كل حدب وصوب.
وقال حسن إسميك، إن جامعة القاهرة بمكتباتها الواسعة والغنية، اكتسبت شهرتها بصفتها مؤشراً على بداية عصر جديد، حيث أنشئت في عهد محمد على، بعد سنوات قليلة من حملة نابليون على مصر، التي شكلت صدمة حضارية للمصريين والعرب عموماً، فكان تأسيس الجامعة ردة فعل جريئة حاولت دفع مصر للحاق بالنهضة الأوروبية ونجحت إلى حد معقول، تزامناً مع ظهور حركة النهضة العربية عموماً، فكان افتتاح أول كلياتها عام 1820 تحت اسم «المهندسخانة»، لتتطور فيما بعد وتتوسع إلى جميع الاختصاصات وتبقى –قرابة قرن ونصف– رافداً للثقافة العربية بشخصيات بارزة من خريجيها، كان منهم مؤلفين وعلماء ورؤساء دول، وأصحاب جائزة نوبل مثل: نجيب محفوظ ومحمد البرادعي.
أضاف أن مصر استطاعت منذ فجر تاريخها تزويد الإنسانية بأسماء مؤثرة، فمنذ عصر البطالمة ظهر اقليدس عالم الرياضيات اليوناني الذي درس في الإسكندرية، وفي العصر الحديث ومن جامعة الإسكندرية تخرج أحمد زويل الذي حصل على جائزة نوبل للكيمياء، كما كان الشيخ محمد عبده تلميذاً لجمال الدين الأفغاني الذي يعتبره بعض المؤرخين رائداً من رواد النهضة العربية، وقاسم أمين رائد تحر…