أبوظبي:سفر نيوز
في إطار سلسلة ندواته الافتراضية التي تتناول جملة من أبرز الموضوعات الثقافية، يناقش المعهد الثقافي الإيطالي في أبوظبي، خلال شهر نوفمبر، أهمية الكتب والمكتبات باعتبارهما مكونين رئيسيين للحياة الاجتماعية بالرغم من ظهور تقنيات جديدة، ويسلّط الضوء أيضاً على موضوع تناول الطعام مع الآخرين الذي يُعد إحدى التجارب الثقافية المشتركة التي تأثرت بصورة ملحوظة بسبب الجائحة.
يُعد المعهد الثقافي الإيطالي في أبوظبي، التابع لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي (MAECI)، أحد المراكز الثقافية البارزة في العاصمة الإماراتية، ويضطلع بمسؤولية نشر اللغة والفنون والثقافة الإيطالية والتعريف بها في دولة الإمارات التي تمتاز بتنوعها الثقافي. وانطلاقاً من مهمته الرامية إلى دمج الثقافات والمعرفة سواء الإيطالية أو الدولية، يواصل المعهد الثقافي الإيطالي تقديم ندواته الافتراضية خلال شهر نوفمبر بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين لمناقشة أبرز الموضوعات المتعلقة بالتجارب الثقافية السائدة ضمن حياة الإنسانية.
تُعقد أولى الندوات الافتراضية لشهر نوفمبر يوم 10 نوفمبر عند الساعة 6.15 مساءً بعنوان “ثقافة الكتب” ويشارك فيها عدد من المتحدثين الضيوف من بينهم إرنستو فرانكو- كاتب ومدير دار أينودي للنشر (تورينو، إيطاليا)، وشيخة المهيري- مدير إدارة المكتبات بدائرة الثقافة والسياحة (أبوظبي)، وأحمد بن ركاض العامري- رئيس هيئة الشارقة للكتاب (الشارقة)، وفالنتينا ساجاريا روسي- رئيسة قسم المقتنيات الشرقية في أكاديمية لينشيي (روما، إيطاليا)، ولوكا دي ميكيلس- الرئيس التنفيذي لدار مارسيليو للنشر (البندقية، إيطاليا)، وجياكومو نيروتسي- مدير المكتبة الجامعية (بولونيا، إيطاليا). وتتمحور ندوة “ثقافة الكتب” حول الدور التاريخي المهم للمكتبة باعتبارها محفلا اجتماعيا وكذلك المكانة المرموقة لمهنة النشر، باعتبارهما رمزاً وأداةً للتعبير عن القدرات الفكرية والإبداعية للإنسان.
وستركز الندوة الافتراضية “الحرمان من الدفء الاجتماعي”، المقرر عقدها يوم 24 نوفمبر عند الساعة 6:15 مساءً، على العلاقة بين الثقافة ومفهوم الدفء الاجتماعي الذي تناولته الآداب والفنون في أكثر من موضع، من بينها “Convivio” أي “المأدبة الثقافية” لأب اللغة الإيطالية دانتي أليجييري، والمصطلح “أدب” في اللغة العربية الذي يعود جذره اللغوي إلى دعوة شخص ما إلى “مأدبة”.
تُعد فنون الطهي (إعداد الطعام والطهي وتقديم الطعام) أحد مكونات الهوية الثقافية للشعوب، كما إن تناول الطعام مع الآخرين أحد أنواع مشاركة هذه التقاليد الثقافية. في ذات الوقت، يُعد الدفء الاجتماعي أفضل إطار مرجعي لتبادل القناعات والخطط ووجهات النظر. لذا، يتناقض تناول الطعام على انفراد مع الدفء الاجتماعي، ومن ثم فإنه يتناقض أيضاً مع التجربة الثقافية الجوهرية المتأصلة في هوية الشعوب.
تقدّم ثقافة الطعام مثالاً نموذجياً على كيفية ارتباط التجربة الثقافية بالدفء الاجتماعي، وفي الوقت نفسه، بالتواجد الجسدي واستخدام الحواس. فهل يمكن للتكنولوجيا، التي قد تكون مفيدة في مجالات أخرى، أن تكون بديلاً لكل ذلك؟ تضم قائمة المتحدثين المدعوين للمشاركة في هذه الندوة الافتراضية كارلو بيزاتي- كاتب وصحفي حائز على جوائز وأستاذ في نظريات التواصل (الكلية الآسيوية للصحافة، تشيناي، الهند)، وديباك أونيكريشنان- كاتب حائز على الجوائز وأستاذ الكتابة الإبداعية (جامعة نيويورك، أبوظبي) وخالد السعدي، شيف (أبوظبي).
من جانبها، قالت إيدا زيليو غراندي، مديرة المعهد الثقافي الإيطالي في أبوظبي التابع لسفارة إيطاليا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة: هناك ارتباط واضح بين تناول الطعام والثقافة، فتناول الطعام مع الآخرين ما هو إلا طريقة بديلة لمشاركة التراث الثقافي. يتألف الدفء الاجتماعي من مجموعة متفردة من العوامل تشمل المشاركة الجسدية، والتمتع الحسي، والتعبير عن الانتماء الثقافي ومشاركة تقاليد الطهي لدى الشعوب؛ فضلاً عن الضيافة، أي تقبّل الآخر، والاحتفاء بالآخر، وهي الأساس لكل تلك العوامل. لقد حُرمنا في أوقات انتشار الأوبئة من ذلك الدفء الاجتماعي. ولا شك أن التكنولوجيا، التي ساعدتنا كثيراً ولا تزال تساعدنا في هذه الأوقات الصعبة، لا تستطيع أن تعوضنا عن ذلك الأمر”.
وأضافت: “علاوة على ذلك، هل استمرت علاقتنا بالكتاب الورقي في التكيّف والتطور في ظل العصر الرقمي وعصر ما بعد الجائحة؟ على الرغم من قيام التكنولوجيا في الآونة الأخيرة بتحويل الكتب الورقية إلى كتب إلكترونية وتحويل المطبوعات إلى صيغ رقمية، يجب أن نتذكر أيضاً علاقة الحب القديمة مع الأعمال المكتوبة، وقدرة الكتب الورقية والمكتبات على ربط المجتمعات. تُعد هذه بعض الأمثلة على القضايا التي سيناقشها المعهد الثقافي الإيطالي هذا الشهر في إطار تناولنا المستمر للموضوعات الثقافية الملحّة في أحد أكثر العصور تأثيراً على مجتمعنا”.
“إننا في المعهد الثقافي الإيطالي نرغب في إبقاء فن النقاش حياً خلال هذه الأوقات الصعبة انطلاقاً من التزامنا بتقديم منصة لعقد مناقشات موضوعية وغنية بالمعلومات ومثيرة للتفكّر في عالم اليوم الذي يشهد تطوراً متلاحقاً. نهدف من خلال جميع حلقات سلسلة “حوار حول الابتكار” إلى التركيز على ثلاث نقاط: ما الذي يتغير، وما الذي تعلمناه، وكل ما لا يمكننا التخلي عنه”.
يُسدَل الستار على سلسلة الندوات الافتراضية التي ينظمها المعهد الثقافي الإيطالي في أبوظبي لعام 2020 الشهر المقبل بندوة افتراضية تحمل عنوان “احتضان العزلة: دروس من الفضاء الخارجي”. ومن المقرر أن تُعقد هذه الندوة يوم 6 ديسمبر 2020، وستطرح أسئلة على رواد الفضاء الذين يعيشون تجربة البعد الجسدي الأقصى عن المعمورة، ما يطرح وجهة نظر غير مسبوقة عن الجدل الدائر حول البعد الاجتماعي والاتصال والتفاعل.