أدت الثورة الصناعية الرابعة إلى دمج الصناعات التحويلية واللوجستية في خضم التحولات الرقمية التي تشهدها القطاعات العالمية حالياً، ما أدى إلى ظهور الحاجة لزيادة الاعتماد على الأتمتة، إضافة إلى الارتقاء بمستوى الكفاءة. ومن المتوقع أن تحدث الثورة الرابعة تغييرات جذرية في العديد من المجالات، ما يساهم في تحسين مناحي الحياة المختلفة، إلا أن الاستفادة من هذه الفرص والإمكانات على النحو الأمثل تتطلب الاعتماد على خدمات الاتصال المناسبة.
تتوجه العديد من شركات التصنيع لتطوير عملياتها وتبني عمليات الأتمتة وتقنيات الرقمنة، وتوفر الشبكات المخصصة العديد من الاستراتيجيات الهادفة لدعم حالات الاستخدام المتعددة، والاحتفاظ بالقدرة على تخصيص موارد الشبكات وضمان الحفاظ على البيانات الأكثر أهمية.
ومن المؤكد بأن نجاح عملية دمج الشبكات في مواقع التصنيع، يعتمد بالدرجة الأولى على استبدال الشبكات القديمة أو الحد من حاجة عملياتها المتزايدة للاعتماد على التنقل، كما يتطلب هذا الواقع ضرورة وضع نظام أساسي موحد يدمج الصوت والبيانات والفيديو وإنترنت الأشياء فغي منصة واحدة لتعزيز عملية التحول الرقمي للشركات التصنيعية.
التوجه المتزايد لتبني عمليات التحول الرقمي
تتجه العديد من القطاعات الاقتصادية حالياً لاتباع خطوات حثيثة تهدف لدمج خدمات الاتصال المتنوعة، ومن ضمنها الاتصالات الخليوية كعناصر أساسية في معاييرها، حيث تقوم العديد من الشركات الصناعية باعتماد تقنية الجيل الخامس كمنصة اتصال أساسية لكل من تكنولوجيا المعلومات(IT)وأنظمة تكنولوجيا المعلومات الصناعية(OT)للارتقاء إلى مستويات جديدة من الإنتاجية والموثوقية والسلامة.
في الوقت نفسه، تعيد المنتجات المتصلة تعريف العروض، وبالتالي تحديد معايير الشركة المصنعة، حيث يمكن تطوير جميع الأدوات المستخدمة بدءاً من قلم الحبر الجاف إلى الآلات الثقيلة “كخدمة”. وتؤدي مشاركة المصنعين في إنشاء العروض بناءً على ملاحظات المستخدم المباشرة، إلى تعزيز علاقة العميل بالمنتج والعلامة التجارية.
ولا تقتصر أهمية الشبكات الخلوية على تحسين عمليات الإنتاج الصناعي، وإنما يمتد دورها ليشمل تطوير المنتجات المتصلة في أسواق المستهلكين والشركات. ومع تطور الشبكات وانتقالها من تقنية الجيل الرابع المطور LTE إلى تقنية الجيل الخامس، باتت شبكة الاتصالات الخلوية أكثر فعالية، بالتزامن مع تحسن قيمة الاتصالات الخلوية.
يؤكد المصنعون الذين يعتبرون تقنية الجيل الخامس كمنصة جديدة لتقنيات المعلومات الصناعية، حاجتهم للحصول على موارد مخصصة لضمان توفير خدمات الاتصال اللازمة لإنجاز عمليات التصنيع الأكثر أهمية. ويمكن تحقيق ذلك عبر تبني استراتيجيات متنوعة تساهم في تسريع هذه العمليات وإنجازها على النحو الأمثل، إلا أن المتبنين الأوائل لهذه التقنية، أكدوا على أن تحقيق ذلك لا يتم سوى عبر الاعتماد على الخدمات التي توفرها شبكات مخصصة.
ومن المؤكد بأن مزودو الخدمات سيتجهون لتعزيز قدراتهم وكفاءة شبكاتهم لتوفير اتصال فائق الأداء وسهل الاستخدام للعملاء في مجال التصنيع. وسيؤدي توفير الرقمنة في الأسواق الصناعية بالتزامن مع مسار واضح لتقنية الجيل الخامس، إلى تحقيق إيرادات جديدة لمزودي الخدمات عبر تحسين عروضهم الحالية.
الدور الريادي لمزودي خدمات الاتصال
استطاعت العديد من القطاعات إدارة التحول من العمليات التناظرية إلى العمليات الرقمية عبر العديد من نشاطاتها الاقتصادية بكل سهول ودون أي مشاكل تذكر، إلا أن تسارع نمو التقنيات الرقمية وظهورها على نحو متتال، أدى إلى خلق العديد من التحديات التي واجهتها القطاعات في عملية التحول الرقمي على المستويات المتقدمة. وقد أدى ظهور تقنيات الجيل الرابع المطورLTE، والجيل الخامس عبر العديد من القطاعات، إلى انتفاء الحاجة لبناء وامتلاك وتطوير وتشغيل البنية التحتية غير المرتبطة بالعمليات الأساسية، وكان من المنطقي في هذا الإطار تراجع أهمية هذا النوع من البنى التحتية.
إلا أن هذا الواقع يطرح تحدياً في مواجهة العديد من القطاعات، ذلك أن مزود الخدمة الذي يمتلك القدرة على توفير الطيف الكافي وتقديم الخدمات التي تحتاجها المؤسسات الصناعية قد لا يتوفر على نحو دائم، ما أدى بالشركات الكبرى إلى التوجه للمنظمين والمطالبة بالحصول على الطيف بشكل مباشر لتسريع عملياتهم، وربما لبناء شبكاتهم الخاصة.
تتمتع الشركات الصناعية بخبرة واسعة في مجال تشغيل شبكات الاتصال الخاصة بها لأغراض تقنية المعلومات الصناعية، إلا أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يتحقق سوى عبر تصميم شبكة متطورة ومخصصة من الجيل الرابع المطور LTE أو الجيل الخامس ودمجها في إطار العمليات وتحسينها بشكل مستمر، وإدارتها على النحو الأمثل لضمان الاستفادة القصوى من الإمكانات والفرص التي توفرها. ويمتلك مزودو خدمات الاتصال الكفاءة الاستثنائية في هذا المجال، ما يعزز قدرتهم على إدارة الإصدارات الجديدة المتكررة من الوظائف والمتوافقة مع معايير 3GPP. ويمكن لمزودي الخدمة الارتقاء بالقيمة عبر تقديم خدمة تجمع بين النطاق المرخص محلياً والطيف العام على نطاق أوسع.
وتعتمد مشاريع الرقمنة على تأمين وصول أوسع إلى البيانات التي يمكن مشاركتها داخل المواقع، وبين المواقع والمؤسسات التابعة لها. وفيما يتعلق بالبنية التحتية الوطنية الحيوية، قد يحتاج عمال السلامة العامة إلى تمكينهم من التجول في المواقع عند حالات الطوارئ.
تدفع هذه العوامل إلى الحاجة لاعتماد نظام اتصال أكثر توافقاً مع التطورات الجارية، والتوقف عن استخدام الشبكات التقليدية غير المتوافقة مع التققنيات الجديدة على مستوى السوق. ويعد استخدام الشبكات الأساسية متعددة المشغلين(MOCN)وتجزئة مصادر الموجات اللاسلكية(RRP)إحدى الطرق التي يتم في إطارها استخدام الشبكات العامة والخاصة بكفاءة، وتجزئة البيانات الصادرة عن نفس الوحدات اللاسلكية في الموقع. ويمكن لهذا النموذج تأكيد فعاليته، عبر التوافق مع معايير واحتياجات المؤسسة.
ورغم أن العديد من القطاعات تلحظ أهمية البيانات كأصول تنافسية ذات قيمة عالية، إلا أن الحاجة لتشغيل موقع صناعي بشكل منعزل على نحو تام عن المواقع الأخرى أو عن شركاء سلسلة التوريد من المصدر إلى نقطة الوصول، أوعن العملاء، يعتبر أمر استثنائي ولا يمكن اعتباره بمثابة قاعدة أساسية يمكن الاعتماد عليها في هذا الإطار.
ويعتبر التنقل الآمن لكل من الاتصالات المحلية والواسعة النطاق مطلب متزايد للعديد من القطاعات. وقد أظهر مزودو الخدمات قدرتهم على تقديم حلول اتصال متنقلة متطورة تجمع بين الطيف المحلي وأصول الطيف الوطنية الخاصة بهم. وتدفع هذه البيئة القائمة على البيانات بالشركات الصناعية إلى تطوير عملياتها عبر منصة اتصال مدمجة تستشرف المستقبل.
من المؤكد بأن الاندماج في عمليات الثورة الصناعية الرابعة، أمر لا بد منه للقطاع الصناعي، حيث تتميز الرقمنة بقدرتها على تعزيز تنافسية هذه الشركات، ما يؤدي بدوره إلى خلق المزيد من الوظائف، إضافة إلى دعم قطاع التصنيع وتحسين أداءه وفعاليته وقدرته على جذب الاستثمارات وأصحاب الرساميل.