بقلم الدكتور عمار صفر، المدير الطبي واستشاري طب العيون، أخصائي جراحة الشبكية والجسم الزجاجي في مستشفى مورفيلدز دبي للعيون
تقدر منظمة الصحة العالمية أن استهلاك التبغ في إقليم شرق المتوسط يقارب 25٪، وذلك بالمقارنة مع معدل الانتشار العالمي الذي يبلغ 22.7٪. وهو رقم يرتفع إلى حدود أعلى عندما يتم احتساب منتجات التبغ غير السجائر مثل الشيشة والمدواخ. وباعتبار أن هذه الأدوات غير التقليدية الخاصة بالتبغ تشهد ارتفاعًا، كما هو الحال بالنسبة لانتشار التدخين في الإمارات العربية المتحدة، لذلك تحتل الدولة مركزًا متقدمًا بين الدول في المنطقة من حيث استخدام التبغ المبلغ عنه ذاتيًا.
يدرك معظم الناس تمامًا أن التدخين بجميع أشكاله يمكن أن يسبب أمراض السرطان والرئة والقلب، بالإضافة إلى العديد من الأمراض الصحية المزمنة الأخرى. ولكن هل تعلم أن التدخين من أكثر العادات ضررًا للعيون؟ وجدت دراسة أجرتها المجلة الطبية البريطانية أن المدخنين هم أكثر عرضة للإصابة بالعمى بنسبة أربع مرات مع تقدم السن. ومع ذلك، فإن العديد من المدخنين لا يدركون هذا الخطر. وسنناقش فيما يلي أربع حالات خطيرة متعلقة بأمراض العين يجب أن يعرفها المدخنون والذين يتعرضون بشكل متكرر لدخان التبغ.
متلازمة العين الجافة
متلازمة العين الجافة هي حالة شائعة، وخاصة في منطقة الخليج، حيث يمكن أن يؤدي المناخ الجاف إلى تفاقم حالة العين بشدة. تحدث متلازمة العين الجافة عندما لا تحتوي العينين على كمية كافية من الدموع أو على النوع الصحيح منها. من المعروف أن دخان السجائر يحتوي على أكثر من 7 آلاف مادة كيميائية، ويمكن للعديد منها أن تسبب التهيج والتلف أثناء حدوث متلازمة العين الجافة. تشمل أعراض متلازمة العين الجافة الإحساس بالحرقة، والحكة في العين، والاحمرار، والإحساس الرملي، والتهيج الشديد. ويوصي الخبراء الأشخاص المعرضين لجفاف العين بتجنب التدخين والتلامس مع الدخان معًا لأن المدخنين معرضون للإصابة بمتلازمة جفاف العين بنسبة تصل إلى الضعفين.
الساد (المياه البيضاء)
الساد هو حالة الإعتام التي تصيب عدسة العين الطبيعية. يسبب الساد رؤية ضبابية ويجعل الألوان تبدو باهتة أو متلاشية أو مصفرة. إن الساد هو السبب الرئيسي للعمى وضعف البصر المتوسط في جميع أنحاء العالم. لذلك، فإن منع الإصابة بالساد ينطوي على فوائد صحية كبيرة، ويزيل العبء المالي والسريري للمرض. وبالتالي، فإن تحديد عوامل الخطر لهذه الحالة مهم وقد يساعد على اتخاذ تدابير وقائية.
إذا كنت تدخن، فأنت أكثر عرضة للإصابة بالساد (المياه البيضاء). يؤدي التدخين إلى تغيير خلايا عدسة العين من خلال الأكسدة ويساعد على تراكم المعادن الثقيلة في العدسة، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى تشكل الساد في العين وإعتامها.
التنكس البقعي المرتبط بالعمر
يحدث التنكس البقعي المرتبط بالعمر عندما يتلف جزء من الشبكية الذي يسمى اللطخة. يفقد المريض الرؤية المركزية ولا يستطيع رؤية التفاصيل الدقيقة، لكن الرؤية المحيطية (الجانبية) تبقى طبيعية. وفي بعض الحالات، يمكن أن تساعد بعض العلاجات الطبية في تقليل مضاعفات التنكس البقعي المرتبط بالعمر، ولكن لا يوجد علاج.
بالرغم من أن العمر هو عامل الخطر الأول للمرض، فإن التدخين يأتي في المرتبة الثانية. المدخنون هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف بالمقارنة مع غير المدخنين، والأشخاص الذين يعيشون مع المدخنين هم عرضة مرتين أكثر لتطور هذه الحالة أيضًا.
أدخلت التطورات الطبية الأخيرة علاجًا للحالات المتقدمة من مرض التنكس البقعي المرتبط بالعمر على شكل حقن في العين لاستعادة فقدان الرؤية. وقد أثبتت الأبحاث أن المدخنين أقل عرضة للاستجابة لهذه الحقن بالمقارنة مع غير المدخنين.
اعتلال الشبكية السكري
المدخنون المصابون بداء السكري معرضون أيضًا لخطر الإصابة باعتلال الشبكية السكري. واعتلال الشبكية السكري هو تعرض الأوعية الدموية في العين للتلف. يتسبب التدخين في تضيق الأوعية الدموية، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل تدفق الدم إلى العينين. يمكن أن تؤدي الحالة إلى اعتلال الشبكية السكري، وهو مرض يتميز بأعراض مثل تشوش الرؤية أو تشوهها وربما قد يصاب الشخص بالعمى. يشمل العلاج تناول الأدوية أو الجراحة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخين يرفع نسبة السكر في الدم ويمكن أن يجعل الجسم أكثر مقاومة للأنسولين، ما قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. ويمكن أن يؤدي سكر الدم غير المنضبط إلى مضاعفات خطيرة من مرض السكري، ومنها اعتلال الشبكية السكري.
يعد التدخين عامل الخطر الوحيد الذي يمكن السيطرة عليه والذي يساهم في تطور العديد من الأمراض المرتبطة بالعين. عوامل الخطر المذكورة أعلاه ليست سوى عدد قليل من العديد من المخاطر التي يسببها التدخين. أنصح المرضى بالمشاركة في البرامج لدعمهم في رحلتهم للخروج من هذه العادة الضارة. يعد التخلص من التدخين في نمط حياتك أحد العادات الصحية العديدة المرتبطة بصحة العين المثالية. ولا يقتصر دور الإقلاع عن التدخين على التقليل من احتمالية إصابة المرضى بمشاكل في العين طوال حياتهم، ولكنه يساعد أيضًا في تحسين نمط حياتهم بشكل عام.