بقلم: سانجيف بهاتيا، الرئيس التنفيذي لشركة نيتيكس جلوبال الخاصة محدودة المسؤولية
أصدر مجلس مدينة نيويورك في عام 2019 قانون تنظيم العمل المناخي والمادة 97 منه، التي تفرض رقابةً صارمةً على البصمة الكربونية للمباني التي تزيد مساحتها عن 25 ألف قدم مربعة. ويُلزم هذا الإجراء القانوني المباني بتخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 24% بحلول عام 2024، في خطوة هي الأولى في مسيرة الحد من البصمة الكربونية.
ويأتي هذا الإجراء في ضوء الإحصائيات التي بيّنت استهلاك المباني لـ 40% من معدل الطاقة في العالم، ومسؤوليتها عن نفس النسبة من انبعاثات الغازات الدفيئة أيضاً. وفي حين تمتلك المباني ثاني أعلى نسبة من الانبعاثات الكربونية بعد قطاع النقل في العالم، يختلف الوضع في العديد من المدن المتطورة مثل مدينة نيويورك. ومع اقتراب العالم من نقطة حرجة لا يمكن التراجع عنها فيما يتعلق بالتغير المناخي، حقق هذا الوضع المقلق استجابةً واسعةً من مختلف الإدارات والجهات المعنية في القطاع، لذا أصبحت المبادرات الهادفة للاستدامة والحد من البصمة الكربونية بشكل تام واقعاً ضرورياً لا مفرّ منه، بعد أن كانت مجرد اقتراحات ونفقات متاحة حسب التقدير.
طرق الحد من البصمة الكربونية في المباني الجديدة
تنشر المباني انبعاثاتها الكربونية وتستهلك الطاقة على كامل سلسلة القيمة، بدءاً من لحظة بنائها وعلى امتداد عملياتها خلال دورة حياتها. ويمكن تخفيض الانبعاثات الكربونية منذ المراحل المبكرة لإنشاء المبنى، عبر استعمال مادة بناء رئيسية غير الإسمنت، لما يتطلبه إنتاج هذه المادة من طاقة وما ينتج عنه من انبعاثات كربونية. وزودت التطورات الكبيرة في مجالي البناء والتكنولوجيا السوق بممارسات ومنتجات استثنائية ذات بصمة كربونية منخفضة، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وحبيبات خبث الحديد والخبث الأرضي والخشب الرقائقي المتداخل.
ومن الناحية المعمارية، يمكن لأدوات وتقنيات التصميم المبتكرة أن تعزز الاستفادة من ضوء النهار في المباني عبر التحليل الطبوغرافي لها قبل بنائها، وهذا يساعد في تقليل الاعتماد على الإضاءة الاصطناعية وحلول الإنارة المستهلكة للطاقة على امتداد دورة حياة المبنى. كما تساعد المنظِمات الحرارية في تعزيز كفاءة الجهود الهادفة إلى الحدّ من استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية للمباني أيضاً.
طرق الحد من البصمة الكربونية للمباني القائمة
حظي التحول إلى المراجل المركزية التي تعتمد على الطاقة الكهربائية عوضاً عن الوقود الأحفوري بزخم متزايد في الآونة الأخيرة، بفضل المبادرات التي يتمّ تنفيذها تدريجياً. وساعدت مضخات الحرارة الكهربائية، المزودة بمنظِمات حرارية وأجهزة استشعار يمكن التحكم بها بشكل فردي والمدعومة بتقنيات إنترنت الأشياء، في اتخاذ خطوات واسعة للتحكم بالانبعاثات الكربونية.
ولا تزال نظم التدفئة والتهوية وتكييف الهواء تحظى بالتركيز الرئيسي للحد من البصمة الكربونية في الأبنية الحالية، نظراً لاستهلاكها نحو 40% من معدل الطاقة، وإنتاجها لنفس النسبة من الانبعاثات الكربونية بشكل عام. وعادةً ما تشمل جهود خفض البصمة الكربونية في الأبنية القائمة التأكد من عمل ملحقات تلك النظم، كالمبادلات الحرارية والمنافخ واللفائف والضواغط بكفاءة عالية، إذ إن تجاهل أي عطل مهما كان بسيطاً قد يؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية واستهلاك الطاقة في المبنى.
وعلى عكس المراجل المركزية، يمكن اليوم تخفيض البصمة الكربونية لوحدات التدفئة والتهوية وتكييف الهواء من خلال العديد من عناصر هذه النظم في مراحل مختلفة من التطور التكنولوجي. ووسطياً، يوجد المئات من أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء المستقلة ومتعددة الجهات البائعة الخاصة بالوحدات السكنية العائلية، لذا تسمح هذه الخيارات والظروف المتنوعة بالحد من البصمة الكربونية بأفضل طريقة ممكنة من خلال دمج تقنيات إنترنت الأشياء مع البيانات المُجمَّعة من كل نظام، لتقييم ما إذا كان أي منها بحاجة إلى عمليات إصلاح أو صيانة.
وأصبح بالإمكان اليوم الاعتماد على حلول تحديث الآلات القائمة والمدعومة بتحليلات الذكاء الاصطناعي للحصول على تحليلات تسمح للمشغلين توقُّع مواعيد الصيانة الدورية، وتعديل الأداء في الوقت الفعلي. وتترافق مثل هذه الحلول أيضاً مع تقنيات تعلم الآلة لتحديد الأخطاء القادرة على الوصول إلى الأسباب الجذرية للمشكلات وإصلاحها. وبفضل هذه المنصات الموحَّدة، سيتمكن ملاك المباني من التحكم في استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية، فضلاً عن تقديم خدمات مخصصة حسب الطلب للمستخدمين النهائيين.
الاستدامة القائمة على التقنيات سمة أساسية في مباني المستقبل
تؤثر قوانين الحد من البصمة الكربونية على أكثر من خمسين ألف مبنى قائم في نيويورك، وتُعد هذه الحلول الرقمية المحسنة الخيار الأكثر عمليةً لتحقيق الأهداف الرامية إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية. وعلى الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي، قدّر الاتحاد الأوروبي أن 80% من الأبنية التي كان من المقرر بناؤها داخل حدوده أصبحت قائمة بالفعل، لذا ليس أمام المدن الأوروبية أي خيار سوى تحسين الأبنية الموجودة حالياً بالاعتماد على الحلول الرقمية التي تشكل حجر الأساس لمستقبل محايد كربونياً. وسيضمن التوسع الحضري السريع في جميع أنحاء العالم الوصول إلى الاستدامة المُحسَّنة رقميًا للمباني كإجراء قياسي على مستوى العالم بكل تأكيد.
ما هي نيتيكس جلوبال؟
تتخذ نيتيكس جلوبال الخاصة محدودة المسؤولية من هوفدورب الهولندية مقراً لها؛ وتُعتبر من أبرز الشركات المزودة لحلول الأتمتة المعززة بنظم الإدارة المتكاملة للمباني الذكية وبطريقة محايدة للبائعين، مع تركيز كبير على المباني الذكية والمستدامة والمدن الذكية وكفاءة استهلاك الطاقة. ويمتد الحضور العالمي الحالي للشركة من أوروبا إلى الشرق الأوسط والولايات المتحدة الأمريكية والهند وسنغافورة، وتعتزم تسجيل حضورها في كندا وأستراليا قريباً، فضلاً عن متابعة العديد من الفرص السانحة في أسواق أوسع نطاقاً. واعتماداً على نقاط القوة في إطار العمل المفتوح، والمنهجية القائمة على تقنيات إنترنت الأشياء، تعتبر نيتيكس جلوبال مزوداً رائداً لأفضل نظم وحلول وخدمات أتمتة المباني في فئتها، بما يشمل مركز القيادة والتحكم الذكي المتكامل.